
يعاني أكثر من مليون ونصف موظف في العاصمة صنعاء ومختلف المناطق اليمنية، ظروفاً اقتصادية سيئة، بسبب انقطاع مرتباتهم منذ نحو 4 أعوام. تلك المعاناة ألقت بظلالها على كافة النواحي المعيشية لهم ولعائلاتهم، حتى وصلت إلى حد “المجاعة” في بعض المناطق، كون انتظام صرف المرتبات قبيل الحرب كان يخفف من وطأة الأزمات الاقتصادية التي كانت قائمة أصلاً منذ زمن.
وبات آلاف الموظفين الحكوميين في العاصمة صنعاء والمناطق الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي، وهم قابعون في مقرات أعمالهم، يتساءلون عن مصير مرتباتهم المنقطعة، وسط غياب معالجات ناجعة لحل الكارثة التي نتجت عنها مشكلات ومآسٍ يندى لها جبين الإنسانية.
يلجأ موظفون آخرون إلى البحث عن مصادر رزق بديلة عن وظائفهم الحكومية، هذا ما تجسده القصص المؤلمة التي تحكي كيف وصل الحال بعدد من الموظفين الحكوميين في العاصمة صنعاء ومناطق أخرى، ففي إحدى الجولات بشارع الدائري في العاصمة صنعاء مايزال الضابط في القوات الجوية العقيد “علي البدوي”، يعمل في بيع المياه المعدنية، بعد أن امتنعت سلطات الحوثي عن تسليم مرتبه منذ عامين، ومايزال الدكتور “جميل عون”، أستاذ الفلسفة في جامعة صنعاء، يعمل في مصنع “للبلك”،

وفي صنعاء ما يزال المصور الصحفي في وكالة “سبأ” للأنباء “صخر الخطيب”، يعمل في بيع الأكياس البلاستيكية، بعد أن انسدت أمامه كافة الطرق للحصول على مصدر رزق له ولعائلته.
يقول الخطيب في حديثه لـ”المدونة اليمنية”: “بسبب انقطاع المرتبات اضطررت للعمل على دراجة نارية، لكنني لم أتوفق في ذلك. أخبرني بعض زملائي بأن عليّ أن أتوجه إلى مدينة “عدن”، وأجري معاملة صرف مرتبي من السلطات الحكومية هناك، إلا أنني انصدمت بأنهم لم يعملوا لي أي حل، ولم أتوفق، بل ازداد الأمر سوءاً حينما سُرقت دراجتي النارية هناك، الأمر الذي ضاعف من معاناتي جراء تراكم الديون التي اقترضتها في السابق”.
ولا يقل وضع الأربعيني “محمد الضبيبي”، الموظف في مكتب النقل بأمانة العاصمة، سوءاً عن سابقيه، فقد وجد نفسه هو وزوجته وأبناؤهما الـ6، في العراء، بعد أن طردهم مالك المنزل الذي كانوا يسكنون فيه بصنعاء، بسبب تراكم الإيجارات التي لم يستطع الضبيبي دفعها جراء انقطاع مرتبه، الأمر الذي دفعه للرجوع بعائلته إلى القرية التي ينتمون إليها.
يقول محمد في حديثه لـ”المدونة اليمنية”: “منذ 3 أعوام لم أحصل على راتبي المقدر بـ31 ألف ريال (60 دولار)، حيث يذهب نصفه للإيجار، والنصف الآخر لتغطية جزء من قيمة الخبز الذي نأكله. لقد ضاعف انقطاع المعاش من معاناتنا، لا يصدق أحد أنني كنت أتقطع من الألم حينما كانت تقول لي ابنتي: “بابا أنا جيعانة”، وأنا غير قادر على توفير وجبه غذائية تُشبعها”.
اضطر محمد للقيام بجمع الكراتين الفارغة المرمية في الشوارع، في فترة العصر، وبيعها في المساء، لأصحاب المصانع التي تعمل على إعادة تصنيعها، حتى يستطيع تأمين مبلغ من المال، يقوم بإرساله شهرياً لعائلته.
المعاناة ذاتها يكابد مرارتها علي البوني (46 عاماً)، الذي يعمل مهندساً في وزارة الزراعة، حيث كان يتقاضى 120 ألف ريال (230 دولار) راتباً شهرياً، وبسبب أزمة انقطاع المرتبات لم يعد يستلم شيئاً.

“حينما طالت مدة عدم صرف المرتبات، قررت أن أتخذ سلسلة إجراءات عاجلة منها: الخروج من الشقة التي كنت أستأجرها، والعودة إلى منزل الوالد، كذلك سحب ملفات أبنائي الـ4 من المدرسة الخاصة التي كانوا يدرسون فيها، وإلحاقهم بمدرسة حكومية، ومن ثم لجأت إلى بيع الذهب الذي تملكه زوجتي من أجل أن أشتري دراجة نارية، للعمل بها”؛ يقول البوني، متحدثاً لـ”المدونة اليمنية”، ويضيف: “بالكاد يكفينا المقابل المالي الذي نحصل عليه من خلال العمل في الدراجة النارية، فنحن اليوم نكافح لتأمين لقمة العيش فقط، أما المعاش فقد نسيناه”.
ويتابع البوني حديثه: “خلال الأعوام الـ3 الماضية حصلت فقط 4 مرات على نصف راتب، صرفت قبيل شهر رمضان وعيدي الفطر والأضحى، وكان موعد صرفها يتسبب لي بمشكلات كثيرة، حينها لم أعد أدري هل أسدد صاحب البقالة الدين المستحق له، أم أشتري مصاريف للبيت، أم أعطي والدي مبلغاً من المال مقابل مكوثي في الشقة التي أسكن فيها مع أبنائي، كون والدي اضطر إلى إخراج المستأجر وتسكيني في الشقة بدلاُ عنه”.
ومؤخراً، تداول ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي، صورة للدكتور عبده نمير، الأستاذ المشارك في كلية الزراعة بجامعة إب، وهو يعمل حمّالاً في محل تجاري من محلات الجملة، لمواجهة أعباء الحياة المعيشية. وأثارت الصورة غضب الكثيرين.
بدايات الكارثة:

لم يستطع الحوثيون إقالة محافظ البنك المركزي “عوض بن همام”، لاعتبارات ومصالح سياسية واقتصادية تخصهم، وظل “بن همام” محافظاً للبنك خلال سنوات عديدة، لكنه وعدداً من قيادات البنك، أصبحوا تحت إدارة جماعة الحوثي، حيث كان الحوثيون يسخّرون “البنك المركزي”، في دعم حروبهم وجبهاتهم العسكرية المتعددة، خصوصاً مع استمرار توريد الإيرادات من كافة المحافظات اليمنية إلى العاصمة صنعاء، خلال السنوات الأولى من الحرب.

ومنذ سيطرة الحوثيين على البنك، خلال الفترة الممتدة من ديسمبر 2014، حتى 18 سبتمبر 2016، وهو تاريخ نقل البنك المركزي إلى عدن، عمل الحوثيون على دفع مرتبات وحوافز مالية للأشخاص الجدد الذين تم توظيفهم، وهم من أتباع الجماعة، خلال أشهر بسيطة، إضافة إلى دفع حوافز مالية للمقاتلين المنضوين تحت ألويتهم في عدة جبهات.
وبحسب تأكيدات لمسؤولين في وزارة الخدمة المدنية تحدثوا لـ”المدونة اليمنية”، فإن “ما يزيد عن 40% من مؤسسات الدولة في المناطق الشمالية اليمنية، قد تمت تصفية كشوفات المرتبات فيها من موظفين، وتم استبدالهم بموظفين آخرين تابعين لجماعة الحوثي”.
بالإضافة إلى أن الحوثيين أقدموا على استقطاع جزء من مرتبات الموظفين، وجزء من موازنة الوزارات، لدعم ما يسمى “المجهود الحربي”، وفي تلكم الفترة امتنع الحوثيون عن صرف مرتبات الموظفين المناوئين لهم في مختلف المؤسسات والمصالح الحكومية.
وفي الـ28 من فبراير 2015، حذر اقتصاديون من أن “البنك المركزي سيصل إلى مرحلة العجز عن دفع رواتب موظفي الدولة في شهر أبريل من العام 2015″،

كما أن انقلاب جماعة الحوثي المفاجئ على الدولة، وعدم وجود استقرار أمني، تسببا بضائقة مالية نتيجة انخفاض إنتاج النفط وتراجع عائداته، وتفاقمت المشكلة مع انهيار أسعار النفط العالمية، الأمر الذي أدى إلى انخفاض وتراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي إلى حدود 4 مليارات دولار، بحسب اقتصاديين.
وعقب تزايد تلك المشكلات، أصدر وزير المالية في الحكومة المستقيلة آنذاك، “محمد زمام”، قراراً بترشيد الإنفاق في الأجور الإضافية والمكافآت، لكن تلك القرارات لم تفلح في الحد من تفاقم الأزمة المالية، واستمر الوضع المالي المتدهور حتى سبتمبر من العام 2016، حيث عجزت الحكومة للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب في اليمن، عن دفع راتب شهر سبتمبر لموظفي الجهاز الإداري للدولة.
انهيار للعملة:
وعلى وقع تلك المستجدات وجهت الحكومة الشرعية اتهاماتها لجماعة الحوثي باستنزاف الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة.
وبحسب البيانات التي كشفت عنها الحكومة الشرعية في حينه، “فقد انخفض الاحتياطي النقدي إلى أقل من مليار دولار، مع توقف حركة التصدير”، وهو الأمر الذي أرجعت به الحكومة الشرعية ممثلة بالرئيس “عبدربه منصور هادي”، في الـ18 من سبتمبر 2016، سبب إصدار القرار القاضي بتعيين “منصر القعيطي” محافظاً جديداً للبنك المركزي، ونقل المقر الرئيسي للبنك من “صنعاء” إلى “عدن”، ومبرراً بأن قرار النقل “كان ضرورياً للحفاظ على استقلالية البنك”، وهو ما شكل كارثة لجماعة الحوثي، حيث لم تعد قادرة على التصرف بالأصول
النقدية للبنك المركزي المتبقية في الخارج، وبالتالي استعادة الكفة لمصلحة الحكومة الشرعية لاتخاذ الإجراءات الاقتصادية كالإصدارات النقدية الجديدة والتحكم بسعر الصرف، وغيرها.
حينها، اعتبر المتحدث الرسمي باسم جماعة الحوثي، محمد عبدالسلام، أن “قرار تعيين محافظ للبنك المركزي ، ونقل مقره إلى عدن، قرار غير شرعي”.
وقال عبدالسلام، في تصريحات نشرتها وكالة “تسنيم” الإيرانية، إن “هادي رئيس فارّ واستقال من منصبه، وقراراته ليست شرعية، وإن الشعب اليمني لن يقبل بسلب قراره“، على حد قوله.
وكان الرد سريعاً من رئيس الحكومة اليمنية الشرعية، أحمد عبيد بن دغر، الذي أكد على أن “الحكومة اليمنية ستفي بكل الالتزامات من دين داخلي وخارجي، وسترفد البنك المركزي بموارد لتغطية نفقات موظفي الدولة، المدنيين والعسكريين”.
وقال بن دغر، في تصريحات على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، إن ”الحكومة اتخذت عدداً من الإجراءات لإنقاذ الاقتصاد اليمني من الانهيار، بعد فترة من عبث مليشيات الحوثي، ونهب خزينة البنك المركزي”.
وأوضح أن “البنك المركزي لم يرسل مرتبات الموظفين في المناطق المحررة، منذ أشهر، وأن المليشيا الانقلابية استنزفت أموال الدولة في تمويل المجهود الحربي”.
وأفاد بن دغر بأن “الحكومة ستعمل على إعادة ترتيب إدارة البنك، ورفده بالموارد اللازمة لتغطية الاحتياجات والنفقات لموظفي الدولة مدنيين وعسكريين”.
وفي مؤتمر صحافي عقده في ذلك الوقت، أكد محافظ البنك السابق “منصر القعيطي”، أن “السحوبات النقدية غير القانونية التي أجراها الحوثيون من خزائن البنك المركزي في صنعاء والحديدة، بلغت نحو 450 مليار ريال يمني، أي ما يعادل 1.8 مليار دولار أمريكي، خلال فترة الـ18 شهراً الماضية”.
لكن الحوثيين أصروا على رفضهم لقرار نقل البنك، وقاموا بجمع التبرعات النقدية من المواطنين للبنك المركزي في صنعاء، وقرروا عدم إرسال الموارد الخاصة بالعاصمة “صنعاء” وميناء “الحديدة” والمحافظات الواقعة تحت سيطرتهم، إلى البنك المركزي في “عدن”.
وبدأ الحوثيون خطوات عملية، لتحويل فرع البنك المركزي اليمني بالعاصمة صنعاء، إلى مصرف مركزي للمناطق الخاضعة لسيطرتهم، وبدأت ترتيبات لوضع مالي مستقل عن الحكومة الشرعية.
وخلال الشهرين الذين أعقبا نقل البنك إلى “عدن”، كان البنك المركزي الخاضع للحوثيين، قد لجأ إلى صرف رواتب الموظفين من العملة النقدية التالفة، بعد انعدام السيولة المحلية.
وبعد استنجاد الحوثيين به لمعالجة أزمة انهيار الريال اليمني أمام الدولار الأمريكي، في الـ28 من أكتوبر2015، عاد محافظ البنك المركزي اليمني، محمد عوض بن همام، إلى العاصمة اليمنية ، بعد غياب استمر حوالي شهرين ونصف الشهر قضاها في مسقط رأسه بمنطقة غيل باوزير، في محافظة حضرموت، شرق اليمن.
حينها كشفت مصادر مصرفية أن محافظ البنك المركزي بصنعاء “محمد عوض بن همام” أبلغ الأمم المتحدة عبر مبعوثها إلى اليمن “إسماعيل ولد الشيخ أحمد” أنه “لم يتبقَّ من الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية في البنك المركزي اليمن سوى 100 مليون دوﻻر، بعد أن كانت قرابة 4 مليار و200 مليون دولار بنهاية 2014”.
وقالت المصادر إن المحافظ “بن همام” وجه “تحذيره بأن الاقتصاد اليمني على وشك الانهيار خلال 15 يوماً إذا لم يتم إنقاذ العملة الأجنبية في البنك”.
وفي الوقت الذي كان “بن همام” يسعى فيه لإيجاد حلول جزئية لأزمة المرتبات هو وعدد من الاقتصاديين المستقلين، كانت جماعة الحوثي تواصل نهبها إيرادات الدولة، وآخرها مرتبات المتقاعدين، والتي تقدر بتريليوني ريال، بحسب اتهامات وجهها مسؤولون حكوميون.
وبعد أن انسدت كل الطرق أمام “بن همام”، قرر ترك منصبه والعودة إلى حضرموت.
وكلف ما يسمى “المجلس السياسي الأعلى” التابع للحوثيين، لجنة من خبراء الاقتصاد، لإعداد تقرير عن الخطوات العاجلة لإعلان فرع البنك المركزي كمقر رئيس لمناطق سيطرتهم، ومعالجة أزمة السيولة.
وقدم التقرير، الذي أعده خبراء في الاقتصاد وأكاديميون، مصفوفة معالجات عاجلة، أكدت على “ضرورة معالجة الفراغ المؤسسي في إدارة البنك المركزي، بشكل عاجل”، وشدد على “سرعة إصدار قرار تعيين قيادة جديدة للبنك”، وهو الأمر الذي عمله الحوثيون، حيث عينوا “محمد السياني” محافظاً جديداً للبنك المركزي الخاضع لسيطرتهم في العاصمة صنعاء.
وبحسب البيانات التي كشفت عنها الحكومة الشرعية في حينه، “فقد انخفض الاحتياطي النقدي إلى أقل من مليار دولار، مع توقف حركة التصدير”، وهو الأمر الذي أرجعت به الحكومة الشرعية ممثلة بالرئيس “عبدربه منصور هادي”، في الـ18 من سبتمبر 2016، سبب إصدار القرار القاضي بتعيين “منصر القعيطي” محافظاً جديداً للبنك المركزي، ونقل المقر الرئيسي للبنك من “صنعاء” إلى “عدن”، ومبرراً بأن قرار النقل “كان ضرورياً للحفاظ على استقلالية البنك”، وهو ما شكل كارثة لجماعة الحوثي، حيث لم تعد قادرة على التصرف بالأصول

حينها، اعتبر المتحدث الرسمي باسم جماعة الحوثي، محمد عبدالسلام، أن “قرار تعيين محافظ للبنك المركزي ، ونقل مقره إلى عدن، قرار غير شرعي”.
وقال عبدالسلام، في تصريحات نشرتها وكالة “تسنيم” الإيرانية، إن “هادي رئيس فارّ واستقال من منصبه، وقراراته ليست شرعية، وإن الشعب اليمني لن يقبل بسلب قراره“، على حد قوله.
وكان الرد سريعاً من رئيس الحكومة اليمنية الشرعية، أحمد عبيد بن دغر، الذي أكد على أن “الحكومة اليمنية ستفي بكل الالتزامات من دين داخلي وخارجي، وسترفد البنك المركزي بموارد لتغطية نفقات موظفي الدولة، المدنيين والعسكريين”.
وقال بن دغر، في تصريحات على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، إن ”الحكومة اتخذت عدداً من الإجراءات لإنقاذ الاقتصاد اليمني من الانهيار، بعد فترة من عبث مليشيات الحوثي، ونهب خزينة البنك المركزي”.
وأوضح أن “البنك المركزي لم يرسل مرتبات الموظفين في المناطق المحررة، منذ أشهر، وأن المليشيا الانقلابية استنزفت أموال الدولة في تمويل المجهود الحربي”.
وأفاد بن دغر بأن “الحكومة ستعمل على إعادة ترتيب إدارة البنك، ورفده بالموارد اللازمة لتغطية الاحتياجات والنفقات لموظفي الدولة مدنيين وعسكريين”.
وفي مؤتمر صحافي عقده في ذلك الوقت، أكد محافظ البنك السابق “منصر القعيطي”، أن “السحوبات النقدية غير القانونية التي أجراها الحوثيون من خزائن البنك المركزي في صنعاء والحديدة، بلغت نحو 450 مليار ريال يمني، أي ما يعادل 1.8 مليار دولار أمريكي، خلال فترة الـ18 شهراً الماضية”.
لكن الحوثيين أصروا على رفضهم لقرار نقل البنك، وقاموا بجمع التبرعات النقدية من المواطنين للبنك المركزي في صنعاء، وقرروا عدم إرسال الموارد الخاصة بالعاصمة “صنعاء” وميناء “الحديدة” والمحافظات الواقعة تحت سيطرتهم، إلى البنك المركزي في “عدن”.
وبدأ الحوثيون خطوات عملية، لتحويل فرع البنك المركزي اليمني بالعاصمة صنعاء، إلى مصرف مركزي للمناطق الخاضعة لسيطرتهم، وبدأت ترتيبات لوضع مالي مستقل عن الحكومة الشرعية.
وخلال الشهرين الذين أعقبا نقل البنك إلى “عدن”، كان البنك المركزي الخاضع للحوثيين، قد لجأ إلى صرف رواتب الموظفين من العملة النقدية التالفة، بعد انعدام السيولة المحلية.
وبعد استنجاد الحوثيين به لمعالجة أزمة انهيار الريال اليمني أمام الدولار الأمريكي، في الـ28 من أكتوبر2015، عاد محافظ البنك المركزي اليمني، محمد عوض بن همام، إلى العاصمة اليمنية ، بعد غياب استمر حوالي شهرين ونصف الشهر قضاها في مسقط رأسه بمنطقة غيل باوزير، في محافظة حضرموت، شرق اليمن.
حينها كشفت مصادر مصرفية أن محافظ البنك المركزي بصنعاء “محمد عوض بن همام” أبلغ الأمم المتحدة عبر مبعوثها إلى اليمن “إسماعيل ولد الشيخ أحمد” أنه “لم يتبقَّ من الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية في البنك المركزي اليمن سوى 100 مليون دوﻻر، بعد أن كانت قرابة 4 مليار و200 مليون دولار بنهاية 2014”.
وقالت المصادر إن المحافظ “بن همام” وجه “تحذيره بأن الاقتصاد اليمني على وشك الانهيار خلال 15 يوماً إذا لم يتم إنقاذ العملة الأجنبية في البنك”.
وفي الوقت الذي كان “بن همام” يسعى فيه لإيجاد حلول جزئية لأزمة المرتبات هو وعدد من الاقتصاديين المستقلين، كانت جماعة الحوثي تواصل نهبها إيرادات الدولة، وآخرها مرتبات المتقاعدين، والتي تقدر بتريليوني ريال، بحسب اتهامات وجهها مسؤولون حكوميون.
وبعد أن انسدت كل الطرق أمام “بن همام”، قرر ترك منصبه والعودة إلى حضرموت.
وكلف ما يسمى “المجلس السياسي الأعلى” التابع للحوثيين، لجنة من خبراء الاقتصاد، لإعداد تقرير عن الخطوات العاجلة لإعلان فرع البنك المركزي كمقر رئيس لمناطق سيطرتهم، ومعالجة أزمة السيولة.
وقدم التقرير، الذي أعده خبراء في الاقتصاد وأكاديميون، مصفوفة معالجات عاجلة، أكدت على “ضرورة معالجة الفراغ المؤسسي في إدارة البنك المركزي، بشكل عاجل”، وشدد على “سرعة إصدار قرار تعيين قيادة جديدة للبنك”، وهو الأمر الذي عمله الحوثيون، حيث عينوا “محمد السياني” محافظاً جديداً للبنك المركزي الخاضع لسيطرتهم في العاصمة صنعاء.
غضب وسخط:
وبعد نقل الحكومة الشرعية مقر البنك المركزي إلى “عدن”، كثف رئيس الوزراء في الحكومة الشرعية في ذلك الحين “أحمد عبيد بن دغر”، لقاءاته مع المؤسسات الإيرادية مثل المنافذ الجمركية؛ بهدف رفد البنك المركزي بالسيولة، إضافة إلى أن الرئيس هادي، التزم للمؤسسات النقدية الدولية، خلال زيارته لنيويورك، أواخر سبتمبر، بتأمين رواتب جميع اليمنيين بلا استثناء، حتى أولئك القاطنين في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وفي تلك الفترة لفت رئيس الحكومة الشرعية “بن دغر” إلى أن “عدم إرسال الحكومة التابعة للحوثي لكشوفات راتب ديسمبر 2014، يُعد أمراً عائقاً أمام صرفها”.
ووسط تبادل الاتهامات بين جماعة الحوثي والحكومة الشرعية، وجد موظفو الدولة في اليمن أنفسهم بلا مرتبات لأشهر عديدة، الأمر الذي تسبب في وقوع أزمة اقتصادية خانقة في السوق، مع الاعتماد الكلي على المرتبات كمصدر للرزق، ووجد غالبية موظفي الدولة أنفسهم عاجزين عن تسديد إيجارات مساكنهم والإيفاء بأبسط متطلبات الحياة.
وبعد أشهر من ترتيب الوضع الإداري والمالي للبنك المركزي في عدن، بدأت الحكومة الشرعية بصرف مرتبات الموظفين في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، لكنها في ذات الوقت امتنعت عن صرف مرتبات الموظفين في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، الأمر الذي تسبب بوقوع غضب وسخط شعبيين، وهو الأمر ذاته الذي دفع بالرئيس الراحل “علي عبدالله صالح” لمطالبة الحوثيين بضرورة صرف مرتبات الموظفين، وبعد تزايد الضغوط، لجأ الحوثيون لإصدار ما يسمى “البطاقة السلعية” كإجراء بديل عن صرف النقود، لكن تلك التجربة باءت بالفشل، واستمرت الأزمة الاقتصادية في تعقيداتها، وبعد أيام من اتهامات حزب المؤتمر للحوثيين بسرقة المرتبات، ونهب إيرادات المؤسسات، ومحاولة تغيير المناهج الدراسية، وحوثنة مؤسسات الدولة، تفاقم الخلاف بين حزب المؤتمر وجماعة الحوثي، وانتهى بقتل الحوثيين الرئيس السابق “على عبدالله صالح”، في الـ4 من ديسمبر 2017، حينها استفرد الحوثيون بالسلطة في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم، وفصلت الجماعة الحوثية مئات الموظفين الحكوميين من أعمالهم؛ تارة بحجة الازدواج الوظيفي، وتارة أخرى بحجة تعاون الموظفين مع ما يسمونه “العدوان”، في إشارة إلى “دول التحالف العربي لدعم استعادة الحكومة الشرعية في اليمن”.
وفي تلك الفترة لفت رئيس الحكومة الشرعية “بن دغر” إلى أن “عدم إرسال الحكومة التابعة للحوثي لكشوفات راتب ديسمبر 2014، يُعد أمراً عائقاً أمام صرفها”.

ووسط تبادل الاتهامات بين جماعة الحوثي والحكومة الشرعية، وجد موظفو الدولة في اليمن أنفسهم بلا مرتبات لأشهر عديدة، الأمر الذي تسبب في وقوع أزمة اقتصادية خانقة في السوق، مع الاعتماد الكلي على المرتبات كمصدر للرزق، ووجد غالبية موظفي الدولة أنفسهم عاجزين عن تسديد إيجارات مساكنهم والإيفاء بأبسط متطلبات الحياة.
وبعد أشهر من ترتيب الوضع الإداري والمالي للبنك المركزي في عدن، بدأت الحكومة الشرعية بصرف مرتبات الموظفين في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، لكنها في ذات الوقت امتنعت عن صرف مرتبات الموظفين في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، الأمر الذي تسبب بوقوع غضب وسخط شعبيين، وهو الأمر ذاته الذي دفع بالرئيس الراحل “علي عبدالله صالح” لمطالبة الحوثيين بضرورة صرف مرتبات الموظفين، وبعد تزايد الضغوط، لجأ الحوثيون لإصدار ما يسمى “البطاقة السلعية” كإجراء بديل عن صرف النقود، لكن تلك التجربة باءت بالفشل، واستمرت الأزمة الاقتصادية في تعقيداتها، وبعد أيام من اتهامات حزب المؤتمر للحوثيين بسرقة المرتبات، ونهب إيرادات المؤسسات، ومحاولة تغيير المناهج الدراسية، وحوثنة مؤسسات الدولة، تفاقم الخلاف بين حزب المؤتمر وجماعة الحوثي، وانتهى بقتل الحوثيين الرئيس السابق “على عبدالله صالح”، في الـ4 من ديسمبر 2017، حينها استفرد الحوثيون بالسلطة في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم، وفصلت الجماعة الحوثية مئات الموظفين الحكوميين من أعمالهم؛ تارة بحجة الازدواج الوظيفي، وتارة أخرى بحجة تعاون الموظفين مع ما يسمونه “العدوان”، في إشارة إلى “دول التحالف العربي لدعم استعادة الحكومة الشرعية في اليمن”.
احتجاجات :
وبعد أن ضاقت بالموظفين الحكوميين سبل العيش جراء توقف الجماعة الحوثية عن دفع رواتبهم منذ أشهر عديدة، قرر عدد منهم السفر إلى مدينة “عدن” للمطالبة بمرتباتهم، لكن نقاط التفتيش التابعة للحوثيين، وأخرى تابعة للحزام الأمني حالت دون مغادرة العشرات من الموظفين في مختلف القطاعات الحكومية.
كما لم ييأس عدد من الموظفين، فخرج الآلاف منهم في تظاهرات حاشدة جابت شوارع مدينة “تعز”، وبسبب استخدام الحوثيين كافة وسائل القمع، لم يتمكن الموظفون القاطنون في صنعاء وعدة مناطق، من الخروج في تظاهرات للمطالبة بصرف مرتباتهم، لكن الكثيرين منهم وجدوا مواقع التواصل الاجتماعي منابر آمنة للتنفيس عن مكابدتهم، والمطالبة بحقوقهم، حيث أطلقوا عدة حملات للمطالبة بصرف رواتبهم، كان أبرزها الحملة التي شنت تحت وسم “#أشتي_راتبي”.
من جهتها، طالبت عدة منظمات مجتمع مدني بضرورة دفع مرتبات الموظفين اليمنيين، وبالذات العاملين في القطاع المدني.
مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، إحدى منظمات المجتمع المدني المستقلة، ذكر، في أحد تقاريره، أن “انقطاع مرتبات الموظفين الحكوميين، دفع 6 ملايين فرد للعيش في فقر مدقع، وأن الحد الأدنى للأجور في اليمن تراجع إلى أقل من 45 دولاراً في الشهر، مقارنة بـ95 دولاراً في السابق، أي أن الموظفين فقدوا أكثر من نصف دخلهم بسبب تراجع العملة، حيث تراجعت العملة بنسبة 143% منذ بدء الحرب في اليمن”.
وأبدى المركز استغرابه من ما سماها “حالة التجاهل واللامبالاة” من قبل جميع الأطراف، تجاه هذه القضية الإنسانية الخطيرة.
وبحسب تقرير للبنك الدولي، فقد “أدت الصراعات العنيفة في الیمن إلى تدهور خطير للأحوال الاقتصادیة والاجتماعية في البلاد، وأدى ذلك إلى تراجع حاد في الإنتاج ومستویات دخل الأسر، وارتفعت معدلات الفقر ارتفاعاً كبیراً، حیث يعيش ما يقرب من 80% من السكان على أقل من 3.2 دولاراً للفرد في الیوم، وفقاً لتعادل القوى الشرائیة”.
وفضلاً عن ذلك، تفید تقدیرات مكتب الأمم المتحدة لتنسیق الشؤون الإنسانية، أن حوالي 9 ملایین یمني يواجهون أشكالاً مختلفة من انعدام الأمن الغذائي في المستوى الثالث أو الرابع من المقياس المتفق عليه دولياً.
ومنذ اجتياح الحوثيين العاصمة صنعاء، شهد الاقتصاد اليمنى تدهوراً حاداً، حيث انكمش الناتج المحلي الإجمالي لليمن على نحو تراكمي بأكثر من 50% منذ عام 2015، وتقلصت بشدة فرص العمل والتوظيف في القطاع الخاص، ومازال النشاط الاقتصادي في الخدمات الزراعية وإنتاج النفط والغاز هما أكبر مكونات إجمالي الناتج المحلي الذي مازال محدوداً بسبب استمرار الانقلاب الحوثي، كما أسهم التراجع الحاد للعائدات الحكومية، لاسيما إنتاج النفط والغاز الذي انخفض بشدة، في انهيار شبكة الأمان الاجتماعي الرسمية، وعدم انتظام دفع الرواتب لموظفي القطاع العام.
وبحسب تقارير للأمم المتحدة، فإن “إجمالي عدد موظفي اليمن يقدر بنحو 1.22 مليون موظف، منهم نحو مليون يعملون في صنعاء وبقية المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، والبقية يتوزعون في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية”.
ويبلغ عدد من يتقاضون معاشات التقاعد المسجلين في سجلات الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات، 87 ألف متقاعد من موظفي القطاعين المدني والعسكري، وذلك حسب آخر إحصائية أصدرتها الهيئة عام 2012م، ونشرتها في موقعها الرسمي، حيث إن كل متقاعد يعول أسرة، ومتوسط عدد أفراد الأسرة الصغيرة في اليمن 7.2 شخصاً، بحسب إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء، وبالتالي فإن عدد المستفيدين من معاش التقاعد 626,400 شخص.
كما يبلغ عدد المستفيدين من حوافز الضمان الاجتماعي مليوناً و500 ألف حالة.
وفي الآونة الأخيرة، التزمت الحكومة الشرعية بصرف مرتبات موظفي بعض المؤسسات الحكومية الواقعة في مناطق سيطرة الحوثيين، كـ”وزارة العدل والمرافق التابعة لها من محاكم ونيابات، وزارة الصحة والمرافق التابعة لها من مستشفيات ومراكز صحية، ومؤخراً الجامعات الحكومية”.
وكان عبدالعزيز بن حبتور، رئيس حكومة ما يسمى “الإنقاذ” التابعة لجماعة الحوثي، كشف في حوار صحفي في وقت سابق، عن “تمكن حكومته من تحصيل 400 مليار ريال”.
ذلك التصريح تسبب في إثارة تساؤل مفاده: ما هو السبب الذي حال دون إقدام حكومة الحوثيين على صرف رواتب الموظفين، رغم أن المعاناة وصلت إلى ذروتها؟
ومؤخراً، كشف عضو مجلس النواب والوزير السابق في حكومة الحوثيين “عبده بشر”، عن وجود مليارات الريالات في خزائن البنك المركزي بصنعاء وفروعه في عدة محافظات واقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي.
وقال بشر، في منشور كتبه على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، إن “البنك المركزي في صنعاء فيه ٥٥ مليار ريال، وفرع البنك في محافظة ذمار يوجد فيه ٢٠ مليار ريال، وفي فرع إب ١٢ مليار ريال، وفرع حجة مليارا ريال، وفرع البيضاء مليارا ريال، وفرع المحويت ١.٥ مليار ريال، وفرع عمران ٣ مليارات ريال.
وتساءل بشر قائلاً: “هذه قرابة 100 مليار ريال موجودة نقداً لدينا، فلماذا تجويع الكادر الوظيفي والعسكري وأبناء الشعب؟ لماذا إلى الآن لم تصرف المرتبات رغم الوعود والالتزامات؟ لماذا التلذذ بمعاناة الناس؟”.
وأضاف القول، مخاطباً قيادات جماعة الحوثي: “للعلم أن المرتبات المطلوبة شهرياً لا تتجاوز ٢١ مليار ريال، داخلة فيها حصة السرق والنافذين، وهل بعد هذا مطلوب منا السكوت، أوف لكم ولما تصنعون، ألم تسمعوا كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، حين قال: “من طلب الخراج دون عمارة أهلك البلاد والعباد، ولم يستقم حكمه إلا “؟ وبعدها يقلك إطلاق رؤية وطنية اقتصادية، أسلمونا أذاكم واصرفوا لخلق الله مستحقاتهم يعيشوا مع أسرهم وعفا الله عنكم، أبعدوا الفاسدين والنافذين والمتسلطين، وعفا الله عنكم، ارفعوا الظلم، وأطلقوا المحتجزين والمختطفين والمخفيين قسراً، وعفا الله عنكم، كفوا عن مخالفة واختراق الدستور والقانون، وعفا الله عنكم”.

كما لم ييأس عدد من الموظفين، فخرج الآلاف منهم في تظاهرات حاشدة جابت شوارع مدينة “تعز”، وبسبب استخدام الحوثيين كافة وسائل القمع، لم يتمكن الموظفون القاطنون في صنعاء وعدة مناطق، من الخروج في تظاهرات للمطالبة بصرف مرتباتهم، لكن الكثيرين منهم وجدوا مواقع التواصل الاجتماعي منابر آمنة للتنفيس عن مكابدتهم، والمطالبة بحقوقهم، حيث أطلقوا عدة حملات للمطالبة بصرف رواتبهم، كان أبرزها الحملة التي شنت تحت وسم “#أشتي_راتبي”.
من جهتها، طالبت عدة منظمات مجتمع مدني بضرورة دفع مرتبات الموظفين اليمنيين، وبالذات العاملين في القطاع المدني.
مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، إحدى منظمات المجتمع المدني المستقلة، ذكر، في أحد تقاريره، أن “انقطاع مرتبات الموظفين الحكوميين، دفع 6 ملايين فرد للعيش في فقر مدقع، وأن الحد الأدنى للأجور في اليمن تراجع إلى أقل من 45 دولاراً في الشهر، مقارنة بـ95 دولاراً في السابق، أي أن الموظفين فقدوا أكثر من نصف دخلهم بسبب تراجع العملة، حيث تراجعت العملة بنسبة 143% منذ بدء الحرب في اليمن”.

وأبدى المركز استغرابه من ما سماها “حالة التجاهل واللامبالاة” من قبل جميع الأطراف، تجاه هذه القضية الإنسانية الخطيرة.
وبحسب تقرير للبنك الدولي، فقد “أدت الصراعات العنيفة في الیمن إلى تدهور خطير للأحوال الاقتصادیة والاجتماعية في البلاد، وأدى ذلك إلى تراجع حاد في الإنتاج ومستویات دخل الأسر، وارتفعت معدلات الفقر ارتفاعاً كبیراً، حیث يعيش ما يقرب من 80% من السكان على أقل من 3.2 دولاراً للفرد في الیوم، وفقاً لتعادل القوى الشرائیة”.
وفضلاً عن ذلك، تفید تقدیرات مكتب الأمم المتحدة لتنسیق الشؤون الإنسانية، أن حوالي 9 ملایین یمني يواجهون أشكالاً مختلفة من انعدام الأمن الغذائي في المستوى الثالث أو الرابع من المقياس المتفق عليه دولياً.
ومنذ اجتياح الحوثيين العاصمة صنعاء، شهد الاقتصاد اليمنى تدهوراً حاداً، حيث انكمش الناتج المحلي الإجمالي لليمن على نحو تراكمي بأكثر من 50% منذ عام 2015، وتقلصت بشدة فرص العمل والتوظيف في القطاع الخاص، ومازال النشاط الاقتصادي في الخدمات الزراعية وإنتاج النفط والغاز هما أكبر مكونات إجمالي الناتج المحلي الذي مازال محدوداً بسبب استمرار الانقلاب الحوثي، كما أسهم التراجع الحاد للعائدات الحكومية، لاسيما إنتاج النفط والغاز الذي انخفض بشدة، في انهيار شبكة الأمان الاجتماعي الرسمية، وعدم انتظام دفع الرواتب لموظفي القطاع العام.
وبحسب تقارير للأمم المتحدة، فإن “إجمالي عدد موظفي اليمن يقدر بنحو 1.22 مليون موظف، منهم نحو مليون يعملون في صنعاء وبقية المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، والبقية يتوزعون في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية”.
ويبلغ عدد من يتقاضون معاشات التقاعد المسجلين في سجلات الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات، 87 ألف متقاعد من موظفي القطاعين المدني والعسكري، وذلك حسب آخر إحصائية أصدرتها الهيئة عام 2012م، ونشرتها في موقعها الرسمي، حيث إن كل متقاعد يعول أسرة، ومتوسط عدد أفراد الأسرة الصغيرة في اليمن 7.2 شخصاً، بحسب إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء، وبالتالي فإن عدد المستفيدين من معاش التقاعد 626,400 شخص.
كما يبلغ عدد المستفيدين من حوافز الضمان الاجتماعي مليوناً و500 ألف حالة.
وفي الآونة الأخيرة، التزمت الحكومة الشرعية بصرف مرتبات موظفي بعض المؤسسات الحكومية الواقعة في مناطق سيطرة الحوثيين، كـ”وزارة العدل والمرافق التابعة لها من محاكم ونيابات، وزارة الصحة والمرافق التابعة لها من مستشفيات ومراكز صحية، ومؤخراً الجامعات الحكومية”.

وكان عبدالعزيز بن حبتور، رئيس حكومة ما يسمى “الإنقاذ” التابعة لجماعة الحوثي، كشف في حوار صحفي في وقت سابق، عن “تمكن حكومته من تحصيل 400 مليار ريال”.
ذلك التصريح تسبب في إثارة تساؤل مفاده: ما هو السبب الذي حال دون إقدام حكومة الحوثيين على صرف رواتب الموظفين، رغم أن المعاناة وصلت إلى ذروتها؟
ومؤخراً، كشف عضو مجلس النواب والوزير السابق في حكومة الحوثيين “عبده بشر”، عن وجود مليارات الريالات في خزائن البنك المركزي بصنعاء وفروعه في عدة محافظات واقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي.
وقال بشر، في منشور كتبه على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، إن “البنك المركزي في صنعاء فيه ٥٥ مليار ريال، وفرع البنك في محافظة ذمار يوجد فيه ٢٠ مليار ريال، وفي فرع إب ١٢ مليار ريال، وفرع حجة مليارا ريال، وفرع البيضاء مليارا ريال، وفرع المحويت ١.٥ مليار ريال، وفرع عمران ٣ مليارات ريال.
وتساءل بشر قائلاً: “هذه قرابة 100 مليار ريال موجودة نقداً لدينا، فلماذا تجويع الكادر الوظيفي والعسكري وأبناء الشعب؟ لماذا إلى الآن لم تصرف المرتبات رغم الوعود والالتزامات؟ لماذا التلذذ بمعاناة الناس؟”.
وأضاف القول، مخاطباً قيادات جماعة الحوثي: “للعلم أن المرتبات المطلوبة شهرياً لا تتجاوز ٢١ مليار ريال، داخلة فيها حصة السرق والنافذين، وهل بعد هذا مطلوب منا السكوت، أوف لكم ولما تصنعون، ألم تسمعوا كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، حين قال: “من طلب الخراج دون عمارة أهلك البلاد والعباد، ولم يستقم حكمه إلا “؟ وبعدها يقلك إطلاق رؤية وطنية اقتصادية، أسلمونا أذاكم واصرفوا لخلق الله مستحقاتهم يعيشوا مع أسرهم وعفا الله عنكم، أبعدوا الفاسدين والنافذين والمتسلطين، وعفا الله عنكم، ارفعوا الظلم، وأطلقوا المحتجزين والمختطفين والمخفيين قسراً، وعفا الله عنكم، كفوا عن مخالفة واختراق الدستور والقانون، وعفا الله عنكم”.