أرشيفتقاريرسلايدر

اتفاق ستوكهولم .. موت سريري

المدونة اليمنية - خاص:

في إطار الخروقات التي تمارسها مليشيا الحوثي  لاتفاق ستوكهولم، نفذت المليشليا، في الـ6 من الشهر الجاري، هجوماً صاروخياً على مدينة المخا (غرب تعز).
الهجوم الصاروخي الذي نفذ عبر طائرة مسيرة و4 صواريخ “سكود”، نجحت منظومة الدفاع الجوي في اعتراض 3 منها، بينما استهدف الصاروخ الرابع منطقة مجاورة لمستشفى أطباء بلا حدود، ما أسفر عن مقتل 8 على الأقل، بينهم 5 مدنيين، وإصابة 10 آخرين.


ويأتي هذا الخرق ضمن آلاف الانتهاكات والخروقات التي تمارسها جماعة الحوثي بحق اتفاق ستوكهولم، وهو الاتفاق الذي بات يعاني -بحسب متابعين- من الموت السريري، نتيجة الخروقات اليومية له من قبل ميليشيات الحوثي، والتي تسببت حتى الآن بمقتل مئات المدنيين ونزوح مئات الآلاف، حيث تتم هذه الخروقات بغطاء سياسي تتصدى له الأمم المتحدة دائما .
الخروقات التي تمارسها مليشيا الحوثي في الساحل الغربي، أدت إلى مقتل 300 مدني، وإصابة المئات بجروح، كما تسببت تجاوزات المليشيا في نزوح 30 ألف أسرة من الحديدة، وتضرر آلاف المنازل والمدارس والمساجد، بحسب تصريحات صحفية لمحافظ الحديدة الدكتور الحسن طاهر، منتصف أكتوبر الماضي.

صورة لصد احدى محاولات التسلل الحوثية
صورة لصد احدى محاولات التسلل الحوثية

وكشف المحافظ أن خروقات المليشيا الانقلابية منذ توقيع اتفاق ستوكهولم، في ديسمبر الماضي، حتى منتصف أكتوبر، وصلت إلى 11.000 خرق، فيما قال العقيد وضاح الدبيش، الناطق الرسمي باسم عمليات الساحل الغربي، في تصريحات صحفية خاصة بـ”المدونة اليمنية”، إن خروقات المليشيات الحوثية التي تم رصدها منذ تفعيل آلية التهدئة وتعزيز وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة، وفقاً لاتفاق ستوكهولم، بلغت 14.886 خرقاً.

وأضاف الدبيش أن الخروقات في الفترة من 10 سبتمبر حتى 7 نوفمبر 2019، بلغت 2535 خرقاً، من بينها انتهاكات لحقوق الإنسان بحق المواطنين المدنيين، ترقى إلى جرائم حرب ضد الإنسانية، منها 410 محاولات تسلل فاشلة، و492 هجوم حرب مكتملة الأركان، و271 قصف منازل مواطنين ومنشآت مدنية، وحفر 126 خندقاً ونفقاً، بينما تمثلت الخروقات الأخرى في استحداث مواقع جديدة والتحشيد وإعادة التمركز والاستطلاع الجوي عبر الطيران المسير والاعتقالات والتجنيد الإجباري، وهي خروقات لما تم الاتفاق عليه.


انتهاكات وخروقات جماعة الحوثي لاتفاق ستوكهولم، تظهر جلية من خلال استمرارها بالمماطلة في تنفيذ التزاماتها في ما يتعلق ببند الأسرى، الذي نص على إطلاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين والمفقودين والمحتجزين تعسفياً والمخفيين قسراً والموضوعين تحت الإقامة الجبرية، والذي تم الإعلان عنه في الأيام الأولى لمفاوضات ستوكهولم، غير أن الجماعة  تنصلت من التزاماتها في هذا الجانب، واستمرت بممارسة الاختطافات والاعتقالات بحق معارضيها، كما عطلت التبادل الذي لم يتم حتى الآن.

وكانت محادثات ستوكهولم، التي عقدت في منتصف ديسمبر 2018، بين الحكومة الشرعية والحوثيين، برعاية أممية، وبحضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، أسفر عنها اتفاق لوقف كامل لإطلاق النار وانسحاب عسكري لكافة الأطراف من محافظة الحديدة.

وتضمن الاتفاق إشراف قوى محلية على النظام في المدينة، لتبقى الحديدة ممراً آمناً للمساعدات الإنسانية. كما قضى الاتفاق بانسحاب مليشيات الحوثي من المدينة والميناء خلال 14 يوماً، وإزالة أي عوائق أو عقبات تحول دون قيام المؤسسات المحلية بأداء وظائفها، بالإضافة إلى انسحاب المليشيات من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، إلى شمال طريق صنعاء، في مرحلة أولى، خلال أسبوعين من الاتفاق.

كما نص الاتفاق على تشكيل لجنة للإشراف على إعادة انتشار القوات اليمنية في الحديدة، بإشراف من الأمم المتحدة، تشرف هذه اللجنة على عمليات إعادة الانتشار والمراقبة، إلى جانب عملية إزالة الألغام من الحديدة ومينائها، على أن تتولى السلطات المحلية الإشراف على المدينة وفق القوانين اليمنية.
وقد قامت جماعة الحوثي الانقلابية باستغلال الهدنة التي نص عليها اتفاق ستوكهولم، في إعادة التمركز في مواقع جديدة وحفر الأنفاق وزراعة الألغام والتحشيد من المناطق وفرض التجنيد الإجباري على المواطنين في مناطق سيطرتها وإرسالهم إلى الجبهات.

كما قامت المليشيات بخرق الاتفاق قبل أن يجف حبره، عبر الخروقات العسكرية التي مارستها من خلال قصف الأحياء السكنية بشكل عشوائي، وإجبار آلاف المدنيين على النزوح إلى مناطق بعيدة عن مناطق الاشتباكات، أو إلى محافظات أخرى، أبرزها صنعاء وتعز وعدن.

بعد 6 أشهر فقط من توقيع اتفاق ستوكهولم، وتحديداً في الـ11 من يونيو 2019، قال المجلس النرويجي للاجئين، إن 1750 مدنياً قتلوا في اليمن، منذ إبرام اتفاق ستوكهولم، وإن آلاف المواطنين أُجبِروا على الفرار من منازلهم، رغم دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ منذ 6 أشهر.

وأوضح المجلس، في بيان، أن 255 ألف يمني أُجْبِروا على الفرار من منازلهم، بينما فقد 26.000 شخص منازلهم، إضافة إلى مقتل وجرح أكثر من 20 شخصاً -معظمهم من الأطفال- بسبب الألغام الأرضية، مقارنة بما كان عليه قبل توقيع اتفاق وقف إطلاق النار.

255 ألف يمني أُجْبِروا على الفرار من منازلهم، بينما فقد 26.000 شخص منازلهم، إضافة إلى مقتل وجرح أكثر من 20 شخصاً -معظمهم من الأطفال- بسبب الألغام الأرضية، مقارنة بما كان عليه قبل توقيع اتفاق وقف إطلاق النار.

الخروقات المتكررة لاتفاق ستوكهولم، التي مارستها جماعة الحوثي، كانت سبباً في إطلاق مجموعة الأزمات الدولية، نهاية يوليو الماضي، تحذيرها من تدهور الوضع في اليمن، واستمرار الركود في تنفيذ اتفاق ستوكهولم، بما ينذر بحرب إقليمية أوسع، وذلك عبر تقرير مطول صادر عنها، تحت عنوان “إنقاذ اتفاق ستوكهولم وتجنب اندلاع حرب إقليمية في اليمن”.
انتقد التقرير الصادر عن المجموعة، ضعف الجهود الدبلوماسية التي تبذلها الأمم المتحدة في اليمن، مؤكداً أن هذه الجهود بحاجة ماسة إلى حقنة دولية في الذراع لإزالة العقبات التي تعترض تنفيذ اتفاق ستوكهولم، الذي يشكل الاتفاق الفرعي على نزع السلاح من مدينة الحديدة وموانئها.

مجموعة الأزمات الدولية: تحذر من تدهور الوضع في اليمن، واستمرار الركود في تنفيذ اتفاق ستوكهولم، بما ينذر بحرب إقليمية أوسع

وأكد التقرير أن هناك حاجة ملحة إلى مشاركة دولية، ويلزم بذل جهدين متوازيين، يركز الأول على إنقاذ اتفاق ستوكهولم، والثاني على وقف الهجمات عبر الحدود بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية. ويتعين على الجهات الفاعلة الدولية، ولاسيما الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي، اغتنام المبادرة، وإحياء دعمها النشط للوساطة التي تقودها الأمم المتحدة، والضغط على الأطراف للتخفيف من حدة التصعيد.
وأشار إلى أنه كلما مر الوقت دون ترتيب عملي لوقف التصعيد وتجميد للهجمات عبر الحدود، زاد تهديد تفكك اتفاق ستوكهولم وحرب إقليمية أوسع.

ويرى مراقبون أن التصعيد الميداني الذي تمارسه مليشيا الحوثي الانقلابية، وتكثيف خروقاتها لقرار وقف إطلاق النار الذي تم التوافق عليه من خلال اتفاق ستوكهولم، الذي تم التوقيع عليه مع الحكومة اليمنية، وبرعاية أممية، يعد مؤشراً واضحاً على إصرار الجماعة على التنصل من التزاماتها كما هو عادتها بالتعامل مع الاتفاقيات والمعاهدات، حيث توافق على هذه الاتفاقيات صورياً، ثم تقوم بنقضها.

وقد وافق الحوثيون على اتفاق ستوكهولم، الذي مثل لهم طوق نجاة، بعد إطباق الخناق عليهم عسكرياً، من قبل القوات المشتركة، ومحاصرتهم في مساحة ضيقة في مدينة الحديدة، حيث تمت محاصرتهم من 3 اتجاهات؛ من الشمال والشرق والجنوب، وقبل أن يتم حسم المعركة عسكرياً، رمت الأمم المتحدة بطوق النجاة للجماعة عبر اتفاق وقف إطلاق النار، الذي منحها الوقت لإعادة الانتشار وحفر الأنفاق وزراعة الألغام والتعزيز بالمقاتلين والتزود بالسلاح، لتتحول بعد ذلك من موقع الدفاع إلى الهجوم عبر الخروقات التي تمارسها.

انحياز الأمم المتحدة للمليشيا ، بات واضحاً وجلياً، ويؤكده ترحيبها بمسرحية الانسحاب الأحادي الذي تحدث عنه الحوثيين، وعدم تعاملها مع خروقاتتهم المستمرة ومماطلتهم في تنفيذ التزاماتهم بموجب اتفاق ستوكهولم.
كما أن فشل الأمم المتحدة في مراقبة الاتفاق، يتجلى من خلال تعاقب 3 جنرالات حتى الآن على رئاسة الفريق الأممي الذي شكلته الأمم المتحدة لمراقبة تنفيذ الاتفاق، حيث تعاقب على رئاسة الفريق كل من الجنرال الهولندي باتريك كاميرت، الذي قدم استقالته احتجاجاً على التعنت الحوثي ومحاولة تنفيذ انسحاب هزلي في موانئ الحديدة من جانب واحد، وبعده الجنرال الدنماركي مايكل لوليسغارد، الذي شهدت فترة رئاسته مرونة وتعاملاً سلبياً مع الجماعة، بترحيبه بالانسحاب الحوثي الصوري من موانئ الحديدة، وهو ما رفضه الجانب الحكومي، قبل أن يتم تعيين المتقاعد الهندي أبهجييت هوجا.

ويؤكد الواقع أن الخروقات المتكررة لاتفاق ستوكهولم، من قبل جماعة الحوثي، قد جعلت الاتفاق يعاني من موت سريري، بانتطار الإعلان النهائي عن موته بشكل نهائي، وهو الاتفاق الذي مثل بارقة أمل لليمنيين ليكون مفتاحاً للحل السياسي الذي سيجنب المدنيين ويلات الحرب، لكن هذا الأمل سرعان ما مات مع تزايد عدد ضحايا خروقات الحوثيين المتكررة للاتفاق.

اظهر المزيد

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *