أرشيفتقاريرسلايدر
أخر الأخبار

كتائب “الإخوان” الإلكترونية من الدائرة الإعلامية للحزب إلى مجلس شركة فيس بوك

المدونة اليمنية- خاص:

في العام 2006 دخل تطبيق الفيسبوك المنطقة العربية، وفي العام 2009 انتشر استخدام الفيس بوك لدى مستخدمي شبكة الانترنت في اليمن، وفي بداية الامر تم التعامل بحذر من قبل المستخدمين مع الموقع الجديد، الذي كان يتضاعف عدد مستخدميه بشكل يومي، ليشهد قفزة هائلة العام 2011 إبان الاحتجاجات ضد النظام الحاكم.

وتلعب وسائل التواصل الاجتماعي اليوم دورا بارزا في تكوين وتشكيل الرأي العام من القضايا المختلفة، في ظل تراجع دور وسائل الاعلام التقليدية كالتلفزيون والراديو والصحافة، حيث تمثل وسائل التواصل الاجتماعي وسائل اتصال مباشرة مع الجمهور، وتمتاز بأنها تحمل كافة أنماط التأثير السلبية والإيجابية على حد سواء.
ويلاحظ أن مضامين الرسائل في وسائل التواصل تحولت من الجانب الاجتماعي إلى الجانب السياسي، خاصة مع توظيف الأنظمة والجماعات السياسية لهذه المواقع، واستخدامها لإيصال رسائلها السياسية وتلميع صورها النمطية، وتشويش صور الخصوم عبر نشر محتوى الأخبار والشائعات التي يتم بثها إلى الجمهور المستهدف وفقا لاستراتيجية إعلامية محددة الأهداف بدقة.

 حروب افتراضية

قامت الأنظمة والجماعات السياسية باستخدام وتوظيف وسائل التواصل الاجتماعي وفي مقدمتها الفيسبوك، لشن حروب ضد خصومها باتت تعرف باسم ”حروب مواقع التواصل الاجتماعي” وهي لا تقل شأنا عن الحروب العسكرية وحروب العصابات والحروب الاقتصادية، بل إن تأثيرها قد يكون أكبر وخسائرها بالنسبة للمتحكمين بها تكون أقل أو شبه معدومة مقارنة بالنتائج التي يتم تحقيقها.

وهذه الحروب لا تتم بشكل عبثي أو عفوي، بل هي مدروسة ومنظمة، وتدار من قبل غرف عمليات خاصة يقودها خبراء سياسيون وإعلاميون وأكاديميون من مختلف التخصصات ذات العلاقة كعلم النفس وعلم الاجتماع، حيث تكمن وظيفة هذه الكتائب في التعبير عن المواقف من مختلف القضايا، أو تهيئة الجمهور لتلقي مواقف معينة، وتلميع الصورة الذهنية، وتشويه الخصوم، وإطلاق الشائعات التي تستهدف تمييع قضية ما، أو إثارة البلبلة حول قضية أخرى، أو خلط الأوراق إن استدعى الأمر.

الأنظمة والجماعات السياسية أنشأت لهذه المهمة جيوش الكترونية بصورة رسمية أو غير رسمية، فنظام الملالي في إيران مثلا قام بإنشاء كتائب الكترونية لهذا الغرض تعرف بــ”كتائب الباسيجي الالكترونية” وتتلقى الدعم والاشراف بشكل مباشر من النظام، وهي التجربة التي استفاد منها نظام بشار الأسد في سوريا لإنشاء كتائب مشابهة.
وتأتي الجماعات الدينية في قائمة الكيانات المستفيدة من حروب مواقع التواصل الاجتماعي، وفي مقدمة هذه الجماعات تنظيم الدولة الإسلامية ”داعش” والتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، حيث تستفيد هذه الكتائب من مواقع التواصل الاجتماعي في نشر الأفكار والتجنيد والاستقطاب بما يساعدها على الانتشار لدى قطاع عريض من المجتمع المستهدف.

حزب الإصلاح وكتائبه الإلكترونية

وفي اليمن تعد تجربة التجمع اليمني للإصلاح – الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين – تجربة معروفة في هذا المجال، حيث شارك الحزب في ”حروب مواقع التواصل الاجتماعي، باكرا في سياق الكتائب الالكترونية التابعة للتنظيم الدولي، والتي نشطت بشكل كبير ومنظم خلال أحداث الربيع العربي في العام 2011 حيث عملت هذه الكتائب على توحيد رسالتها الإعلامية وانطوت تحت قيادة موحدة يشرف عليها مركز دراسات في قطر بواسطة عدد كبير من الخبراء والاعلاميين على رأسهم الدكتور عزمي بشارة.

وفي هذا الإطار عمل التجمع اليمني للإصلاح في اليمن من خلال كتائبه الالكترونية على إنشاء حسابات إلكترونية مزيفة، وعمل هاشتاغات معينة وفق ارشادات محددة لتوجيه وتوحيد الخطاب الإعلامي نحو قضايا بعينها وخطاب تنظيمي موحد.

كتائب الإصلاح يتم إدارتها والاشراف عليها وتمويلها من خلال الدائرة الاعلامية بالحزب، وربطها بالوسائل الاعلامية الأخرى التي تتبع الحزب بشكل مباشر أو غير مباشر كالقنوات التلفزيونية ”سهيل، يمن شباب، بلقيس، المهرية” وعشرات المواقع الاخبارية.

بالإضافة إلى ذلك ـ وبحسب قيادي حزبي طلب عدم الكشف عن هويته ـ تقوم الدائرة الاعلامية للتجمع اليمني للإصلاح بإنشاء حسابات وهمية إرشادية، يتم من خلالها تسريب توجهات الحزب ومواقفه في القضايا الآنية، إلى جمهورها وناشطيها في مواقع التواصل، الذي يتلقون هذه التغريدات ويلتزمون بصياغة خطاب متسق معها، هذه الحسابات الإرشادية يلاحظ أن متابعيها بعشرات الآلاف على الرغم من أنها لشخصيات وهمية، وأبرز الأمثلة على هذه الحسابات هو الحساب الذي تديره الدائرة الإعلامية للإصلاح بتعز تحت اسم وهمي هو ”منير المحجري” بحسب معلومات المدونة اليمنية.

وينبثق عن هذه الدائرة، وبشكل شبه منظم، ما يعرف بالذباب الإلكتروني لحزب الإصلاح والذي من مهامه تعطيل حسابات الخصوم السياسيين عبر البلاغات ضد هذه الحسابات ما يتسبب بحظرها مؤقتا أحيانا أو إغلاقها أحيانا أخرى، في الواقع يتحول هذا الذباب إلى جماعة ضغط داخل موقع التواصل الاجتماعي عبر البلاغات الكاذبة التي يقدمها ضد الحسابات الشخصية للناشطين غير المنتمين للإخوان، ينتج عن ذلك إغلاق صفحاتهم على الرغم من عدم انتهاكهم لمعايير النشر التي تحددها مواقع التواصل.

ناشطون ضحايا لكتائب الإخوان

الناشط رضوان الحاشدي قال لـ”المدونة اليمنية” إن مجاميع كبيرة من أفراد حزب الإصلاح تم تدريبها على استخدام الانترنت وبشكل احترافي، وعمل صفحات ليس لها عدد من الأدمنات الذين يديرونها، ويتم تقسيمهم إلى مجموعات تتلقى الأوامر عن طريق قيادات رأسية تتمثل في شخص واحد، تختلف مهام هذه المجموعات فهناك مجموعات للنشر، ومجموعات للدفاع عن القضايا والأشخاص، ومجموعات للبلاغات واغلاق الصفحات، ومجموعات لتصوير وتوثيق المنشورات المضادة لهم، ومجموعات هكر تم تدريبها تدريبا عاليا، بالإضافة استخدام البطائق الزائفة لتوثيق الصفحات بشكل رسمي”.

ويكشف “الحاشدي” عن معلومات مهمة في هذا الصدد، إذ يشير إلى أن من يدير هذه المجموعات في تعز هو المسؤول الاعلامي لدائرة حزب الاصلاح في فرع تعز أحمد عثمان ونائبه زكريا الشرعبي، أما تمويل هذه المجموعات فيأتي عن طريق أيمن المخلافي الذي تصل إليه أموال طائلة عن طريق وزارة الشباب والرياضة ، حيث يشغل المخلافي منصب مدير مكتب الشباب والرياضة بتعز، ويقدم هذه المجموعات من ضمن النشاط الشبابي”.

ويسرد “الحاشدي” تجربة استهدافه من قبل الذباب الالكتروني للإصلاح بالقول :”ما تعرضت له من تحريض كان بشكل فج و قذر، حينما تم أخذ صورة من صفحتي تجمعني مع زوجتي، وقاموا بنشرها بكل قلة أدب وقذارة، وقاموا بتشويه سمعتي، وبعدها كانت حملة التحريض ضدي عبر اتهامي أني أدير أموالا مشبوهة بالقاهرة، وتم بعدها اعتقالي وإخفائي والتحريض ضدي ونشر مواضيع كاذبة وملفقة لم أكن أعلم شيئا عنها وأنا في المعتقل”.

ويضيف: عندما خرجت من المعتقل وجدت منشورا لـ “منير المحجري” انصدمت، فكل ما ذكر فيه من كذب واتهامات هو نفس ما كانوا يسألونني عنه أثناء التحقيق في المعتقل بالأمن السياسي بمأرب، بمعنى أن الاتهامات تم صياغتها بالمقر، وتم ارسالها إلى الأمن السياسي بمأرب ولصفحة “منير المحجري” لنشرها، وهذه جريمة لا تغتفر ولا يمكن أن تمر مرور الكرام لو لم نكن في دولة مختطفة من حزب الإصلاح الاخواني”. حسب تعبيره.

الناشط عبدالستار الشميري يذكر هو الآخر أنه تم تعطيل حسابه السابق في الفيسبوك وإلغائه نهائيا، فيما تم حظر وتعطيل حسابه الحالي أكثر من مرة، مؤكدا أن القيادي الإخواني أحمد عثمان مخصص وحدة كبيرة لهذا الغرض”.

سيطرة الاخوان المسلمين على مواقع التواصل الاجتماعي بالوسائل المختلفة يكشف أسباب النسبة الكبيرة في الحسابات الخاصة التي تعرضت للحظر أو الاغلاق، وهي حسابات عائدة لنشطاء وصحفيين يمنيين، وهو الأمر الذي كشفت عنه نتائج استطلاع نفذه مرصد الحريات الإعلامية.

وأفادت نتائج الاستطلاع، الذي شارك فيه 160 صحفيا وناشطا في وسائل التواصل الاجتماعي، 83 % من الذكور من إجمالي عدد المشاركين و 17 % من الإناث، إن 47 % من المشاركين تعرضوا للحظر من النشر. كما أظهر الاستطلاع أن فيسبوك أكثر وسائل التواصل الاجتماعي حظرًا للمنشورات؛ لأسباب يعتبرها مخالفة لسياسته، حيث أكد 97 % من المشاركين أنهم تعرضوا للحظر في الفيسبوك و 21 % في تويتر.

ناشطو وسائل التواصل الاجتماعي كشفوا أنهم تعرضوا للحظر إما بسبب حديثهم عن قضايا سياسية أو حقوقية، وإما بسبب بلاغات من آخرين، وإما بسبب نشر فيديوهات أو صور عنيفة.

نوبل.. ذراع الإخوان في فيس بوك

فوق ذلك كله، تم تعيين الناشطة الاخوانية توكل كرمان من قبل شركة فيس بوك، في مجلس للإشراف على المحتوى داخل هذه المنصة الاجتماعية، وهو ما قوبل باستياء كبير، خاصة أن معظم الناشطين والصحفيين يتهمون كرمان بحظرهم من صفحتها الشخصية لمجرد اختلافهم بالرأي معها، ويرون أنها غير مؤهلة لعضوية مجلس الاشراف الخاص بالموقع الأشهر من مواقع التواصل الاجتماعي. وهو ما يشير إلى أي مدى وصلت سيطرة الإخوان على مواقع التواصل وفقاً لآليات وصور وأشكال متعددة، لكنها مقلقة على كل حال.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *